نعامة أخرى


نعامة أخرى

صارحتنى بعيون جرداء كالقيظ.. بسط الحقد أجنحته أهدابا لها:
- هل أنت حبيبته ؟
هززت بقايا روحى المنسحقة :
- نعم .
إن كنت حقا حبيبته لماذا  لم يجمع نظراته من فوق شفتى ؟! مازال يرشف كلماتى، يغرقها بحبيبات غزله يحيلها قطع سكر .
يشتاق إليها دوما : إذا ما اقتربنا، إذا ما افترقنا.. وتقولين حبيبته !!
- ياهذى.. من يدريك نبضة قلبه، رعشة جسده، حين ينادينى ان أسمع.. زقزقات وجده .
- نعامة أخرى.. يا لكم من رؤوس النعام فى رمال صحراء عمره !!! أفيقى فأنا رفيقة دربه، مذ كان صبيا يحبو فى حجور النساء يتسلق جدائلهن و يسرق إبتسامات الشفاة .
- ألصا أحب !!
- بل قاتل يعشق وأد الصبايا داخله .
- ولماذا لم تهربى ؟!
- قدرى أن أعيش، ألتقط ما يسقط عنه من لحظات حبه.. كلمات عشقه للعابرات بباب قلبه. قد يصحو يوما فلا يجد غيرى أنا.. عاشقة قبرها بفعل فاعل تحت جحيم نظراته الراكضة خلف نعامات أخرى.. لكنه سيعود.. سيعود دائما للبحث عنى أنا امرأته، مذ أول كذبة فى حياته.. أنا بستان الشوك الذى يستظل به من هجير مشواره.. أنا قدره وهو ما كتب على قلبى.. لن يكتب غيره.
- حائرة أنا خائفة.. ظنت أننى سراب عشق كان يهفو إليه يستظل به من هجير ك.. كلما إمتدت يداه تأكد أننى مازلت بعيدة.. نعامة أخرى.. نعم.. لكننى أعلم الحقيقة.. أنا يا من ملأت القلب بحقدك أهواه.. أعلم أننا كالمشتاق و السراب لن نلتقى، لكننى أهواه.
قد حلت روحى فيه.. سيمتطى عشقى الجامح ويطير إلى خلايا كل أنثى، سألهمه من أحلامى.. وأهبه من أحزانى قبسا حين نفترق مرة أخرى كما أفترقنا مذ ألف عام أو أكثر سيجف فؤاده سؤالا عنى.. قولى له : الهجر والفراق لا يبرران.. أما إن كان أذاب شفتيك، نمقهما بغزله جعلهما قطعة سكر.. فما أشقى وصفك !!
السكر يا مسكينة لا يسكر.. أنا النعامة الأخرى كما تهزئين بنظرة عينى يثمل، يصبح ويمسى أنا كل الأسماء بفكره.. أطير.. أحط أو أهجر.. إن ثرت خضبت الحياة حوله بلون ثلج.. جمدتها صخرا و مرمرا .
هو لا يرى الدنيا إلا بين يدى.. فلقد صنعته من مشاعرى، ووهبته سر الخلود، ورسمته وشما على كل النهود.. وردا على كل شفة.. وتقولين : نعامة أخرى.. يا لك من امرأة جمدها الوهم تحت آنات الغضب.. يالك من واشية تريد هدم طوطمى الذى صنعته أنا !!
لكنك مكلومة.. مقتولة عمدا على يد رجلى أنا.. لن أفتح للتشفى بابا فى صدرى.. فقد مارست العطاء ألف ألف عام و السماح والعفو عن أخطائه منذ بدأ يحبو فى سفر التكوين حتى وصل إلىٌَ : فارحلى يا امرأة، داوى جراحك، أو تعالى إلىَّ أمنحك عفواً.. أصنع لك ترنيمة، تكونين بعدها نعامة أخرى أو لاشئ أبداً.