قمر جليدى


 قمر جليدى

    سجدت دموعى من جديد لهفى للقاء الخدود.. شربت وارتوت من ضياء أرسله القلب قديما للعيون.. وقبل أن أطوى مشهد اللقاء فى الذاكرة، وجدت شرنقة نفسى تنشق ويخرج سوط العذاب.. يجلدنى بتشفّ وألقى بى فكرى بلا رفق فوق أشواك الإيلام .
هل هذا الرجل ما كنت به أحلم ؟!
جمعت قطرات ضعفى المفرط.. ومضيت بعيدا عن قيودى و فضضت رسائلى لذاتى، كم أغفلتها.. وطويتها ولففت أكاذيبه عقدا فوق جيدى.
وقبل أن يطوينى الغروب حملت نفسى على شراعه المستكين، وكتائبة من خطاياها، نظرت من جديد .
آه.. ما أبدع السكون بين زوايا صمت منتظر !!
أتأملنى عندما كنت بداخل مملكتى زهرة نوار يحملها الشوق الأخضر، ترسم أركان بيتها دفئا.. تتدلى نظرات عشقها ثريا تبرق غبطة، أعزف السعادة فوق قيثارة خلود هوانا، شوقا وجوى.. يوم ظننته نبض وجودى وزرعت لهفى فوق جفونى، ورويتها بدمع تأبى علىّ، شاء بمكره أن يسجنه فى المآقى.. لكننى سأحطم أطواقه التى أحكمها فوق جيدى، سأصبّ الصمم فى قلبى سأرسله مع الغروب فاقدا الوجد، ضالا سقط فى صهد الهوى فهوى.
ستؤبن الأيام حبا قد ذوى.. وأفض سامر الخداع وزمن الحمق.. سأغلق محرابى فى وجهه سيصبو إلى عشق الظلام والكأس مكسورة بين أصابعه، سأرحل بعيدا عن أفق شباكه. سأستضيف الشجن والنجم الضائع والوهم المطعون، أسحقها، أنثرها فوق أيامه بينا وهجرا.. فيتيه فى ليالى الضياع مشتاقا إلى الفجر الذى انبثق يوما فى ثنايا أيامه فتألقت سحرا
هو لن يتسلل بعد اليوم إلى صفحة، إلى سطر، إلى حرف من أحرف أيامى.. لقد طويتها.. وآب إلىّ الضوء أتوضأ منه، أحلق طليقة فوق حجب التوبة، وليغرق ذاك الوحش المتعطش للارتواء بدم العشق فى مجرة الجليد التى صاغها بخياناته .