وصـــال


ـ ب -
وصـــال

طاف رجع صداك منقبا عنى.. قيل له: هى الوجد، دمعة حائرة بين البقاء والسفر، الحب يقطر من عين نبيلة.. وجهها الشاحب تغطيه ذكرى براءة الطفولة، حين تتجلى فى الخليفة صورتك، كانكسار المرايا إذا هجرتها العيون الحنون.
سألتهم عنى.. قالوا .... ولم يقولوا إنهم ضفرونى مع الموت فى أطول جديلة، أرسلونى إليك مع الذكرى الأليمة، ألقونى فى أرض بخيلة.. لا تنبت حلم اللقاء .
قالوا لى : وجهك حديث صامت بأعماقنا يلطم المشاعر،  عيونك.. بسمتك، بنفسجة خانها عطرها تشذرت.. فلاحت شبحا على حواف حياتنا تنمنم الحزن فوق خطانا .
أنظر.. ذكراك أضحت فى عيونهم مجرد زفرات دخان تبغ، تركونى أرحل وراءه.. وجلست على أعتاب لحد أردد وحدى أغنيتك القديمة، تراها صدى الصمت أغنيتك تلك ؟ أم أنها رؤى مستحيلة.. وهل يؤوب الزمان !! آهٍ لو عاد.. لعانقته ونثرت لوعة الفراق على أرضهم غضبا.. ورويت كل زنابقى.. وبدلت بحة صوتى الذبول بزقزقة عصافير كانت غافية فوق الجبل كتم شقشقاتها خوف الضياع.. طوت الآمال تحت أجنحتها الكسيرة.. ورنت فوق الدروب بجفون نمشتها الظلال الكليلة.. ترقب الرياح
بعدك – أبى – أصبحت الغريبة.. أمد الأذرع الغرقى تستنجد بالضفاف فإذا لامست الشواطئ انزلقت مع الرمال إلى الأعماق كلمى .
أخاف عرى الضياء إذا ألقى وهجه فوق تقاطيع جسدى أراد العناق.. أهرب خائفةمرتعدةً ألوذ بكل الوجوه الحبيبة.. يتساقط هلعى أمام عيونهم الجافة .
صدر وحيد هو كل ما بقى من شرف الرجولة.. ضمنى إليه زرعنى فوق أضلعه.. همسوا إليه.. فقال  : كم أعشق خصلتها النائمة فوق جبينها المندى، فيه وجه أمى الذى هدهدنى بتلك النظرات المطمئنة.. هى ومض السحر فى لحظات بوح وإن أرقتموها طويلا، هى كل نجوم المساء ورعشة الصدر.. وزهرة زمانى .. قبلت التحدى فاصمتوا وانصرفوا.
وأنت هناك راحل تلو صمتك، أجبنى : أحقا فى عرف البشر صدق الخطيئة.. وقطع الرحم فضيلة ؟!
هيا هب من رقدتك إنكرنى أو مزقنى.. فقط أجبنى : هل عفاف الحب أصبح كهولة ؟ وشباب ضاع غيلة وعمر لياليه قليلة !!
فليقولوا عنى أننى لست جميلة، وأن الشحوب استبد بتجاعيد وجهى، وأننى أتوه فى الدروب أبكيك، أستجديك، وأنت الهارب الذى آثر الرحيل فى زمان تغتال فيه الرجولة.. فلقد زرعونى يا أبى زنبقة باكية على شاهدك الثلجى الأحرف وما عاد الأهل ولا الرفاق يصلونك .