طير شريد


  - أ -
طير شريد


هربت أدمعى إلى جب النسيان.. توارت عن ألسنة توزع الوجع.. قالوا :
أبوك مات !!
عصرت قلبى.. لعله يصرخ.. أو يؤجج أحشائى.. ضمنى الصمت.. وزعت شجونى، سكبتها فى أعين الرقباء. ألجمت الحزن برسن الصمت.. وأسندت نظرتى على سواعد الأوفياء، إتشحت السماء بالسواد الدامى.
أصرخى أزفرى آهاتك – هكذا صاحت النجوم - همسها للروح أصداء ناى حزين، يبكى يشد الألم الرابض داخلى.. غفا الخوف داخلى ونحن نركن فى أيكة الحرمان التى زهرها البنفسج بالنحيب، امتدت الصبارات توزع مرها فى الحلوق.. كان صوتك ينادينى، يسكب النور فوق الروح يطفئ النار من الضلوع.. باسمك نادانى الطير الشارد  : لا تحزنى، وجع أسطورى.. نعم.. يظل خالدا، يذكرك كلما حاولت النسيان. أعود أردد كطفل ملقى فى الظلام: لم يمت من طواه قلبى، سرى فى دمى، اسمه يحمل اسمى، احمله وجه بسمة مزروعة فى روضة الطفولة.
غبت ولم تغب.. كلما هل ربيع، رسمتك من عبيره.. كلما جن الليل.. وقلب الدجى ذكرياتى نوحا.. رياحا.. جحيما من التأوه يستعر، أراك تعبر فى دمى.. جوابا حزينا لكل الأسئلة.. شحوب المساء يطل بوجهى، يامن عشقت أغرودة النجوم فوقه.. أناملى اليوم تعزف أغانى الفراق، وجسدك غاف فى مهد من ثرى نورانى، والروح طيف يجوب المشاعر.. يمزق ستر شغاف الفؤاد.. وأنت راحل.. دون أن تعرف بأنك نشيد يظل بفم الزمان.. لحن يرن جرسه، يسرى عن السارى حزنه. نجواه عود.. وسحر قيثار. سيمر عام وألف عام، وأنت عناقيد صمت تطل وتزهر كل يوم ذكرى حرمت ثمارها، و انتشت بطلعتها جنان الرحمن. ويدى كلما امتدت إليك تحمل بفراغ. سأظل أنا الطير الشريد راحل الخلد كل يوم، إليك أطير.. أطير.. وأعود أحط على ذرى من جليد.